من الموضوعات المهمشة في كنيستنا هي بالطبع الكلام عن النعمة وغالباً السبب في ده هو سيادة روح الناموس وروح السقوط اللي بتخلوا بشكل كامل من روح الحرية اللي وعدنا بيها الرب يسوع لما قال "فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا"[1]، سيادة هذه الروح الغريبة عن روح كنيستنا الارثوذكسية والروح النسكية الكنسية بشكل عام، تخلينا نسمع تراث كنسي جديد من امثلة "انا التراب افتكري يا نفسي"، و "انا انا الخاطيء"! وكننا مبسوطين قوي باننا تراب او باننا خطاه! وكان اللي عمله الرب يسوع علي الصليب لم يغير شيء سوي بس بانه مات واتصلب وقام واحنا متفرجين لم نحصل علي اي شيء!
ولما تيجي تسال ليه تراب وليه نقول علي نفسنا خطاه؟! يقولك مش المسيح قال: "كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ، لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا"[2] وغالباً هما مش بيكملوا العدد بكتفوا ب ".. مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ .." فيبقي شكل الآية لو انت شخص تقي وبتحب الله قول علي نفسك انك طينة وبعيد عن ربنا ولسه مصولتش ومفيش شك ان احنا اتاثرنا بالتراث التاريخي للكنيسة من امثلة "السنكسار" والكتاب الرهيب "بستان الرهبان" اللي لغايت دلوقتي مش قادرين نفهم انه بيرصد حالة معينة من البشر لا يمكن تطبيقها علي العلمانيين العاديين او حتي علي الرهبان كلهم، لان ده كانت حالة خاصة جداً في تاريخ الرهبنة القبطية وبترصد التعاليم كلها بدون اي مراجعة لاهوتية او عقائدية ليها مجرد رصد مسلم شفوياً قابل للخطاء ولا يعتبر تراث عقيدي او يستمد منه عقيدة بشكل او اخر! علشان كده لو عاوزين نفهم روح الحرية اللي بنعيش بيها لازم نفهم يعني ايه نعمة وازي بناخدها وايه الفايدة اللي هتعود علينا لما ناخدها؟!!
#الرب_برنا (مدخل لفهم عمل النعمة):
"فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا، وَهذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا."[3] في شعار كده ظهر في النبوات واستخدم في العهد الجديد[4]، علشان يوضح ان اصل كل بر هو الرب يسوع نفسه، يعني العذراء وكل القديسين والطهار والابرار وكل ده بقيوا كده بسبب "بر يسوع" يعني برهم الشخصي كان مجرد محولة للوصول الي بر يسوع ولكنه لم ينجح، ولكن في الحقيقة اللي حصل ان "نعمة بر يسوع" هي اللي نجحت فيهم ووصلتهم الي القداسة! طيب يعني ايه نعمة اصلاً ويعني ايه نعمة بر يسوع اللي وصلتهم للقداسة؟!
النعمة: الكلمة في اليوناني "χάρις" بتتنطق "خاريس" وفي الاصل الكلمة متاخدة عن الاصل العبري لكلمة "חֵן"وبتنطق "هين" وظهرت لاول مرة في (تك 6: 8) العدد اللي بيقول "وأما نوح فوجد نعمة في عيني الرب" وهنا بتيجي بمعني عطية من قبل الرب، واللي نفهمه عن عطية الرب انها فائقة وغير محدودة ومدفوعة التمن بشكل مسبق من قبل رشاش دم المسيح علي الصليب "نعمة مجانية" حسب تعبير الكتاب المقدس[5]، وموضوع مجانية النعمة ده مكنش موجود في العهد القديم كتابياً لكنه ظهر في النبوات بان الرب برنا وهو مصدر البر والخلاص شمل العالم كله قبل الخلاص وبعد الخلاص.
#الخلاصة نفهم ان كلمة نعمة في الكنيسة الارثوذكسية هي عطية مجانية فائقة غير محدودة يعطيها لنا الله بسخاء دون ان ينتظر منا المقابل
وطبعاً هيجي واحد ويسأل (انا عرفك انت 
:D ) وهيقولي طيب بما انها مجانية وبدون مقابل يبقي احنا بقي نعمل اعمال ليه بقي؟ ونقع في قضية الخلاص بالايمان ولا بالاعمال!؟
:D ) وهيقولي طيب بما انها مجانية وبدون مقابل يبقي احنا بقي نعمل اعمال ليه بقي؟ ونقع في قضية الخلاص بالايمان ولا بالاعمال!؟
اللي قراء #كبسولة_روحية (1) هيلقي اني اتكلمت عن مبدأ اسمه "السنيرجيا" وده لفظ استخدمه الاباء علشان يوضحوا عمل الروح القدس مع النفس لاجل خلاص النفس، النفس ليها دور واضح وبيتطلب ارداة قوية، والدور ده هو قبول عمل الروح القدس، الروح القدس يعمل كهاتف داخلي، ينادي النفس ويطالبها بالـ "ميطانيا" ان استجابت النفس، استمر الروح القدس مع النفس حتي يقدسها بالتمام ويجعلها عروس لنفسه، وان لم تستجيب النفس لهتاف الروح القدس الداخلي، صارت النفس رافضة لعمل الروح وللقداسة وبالتالي رافضة للخلاص، وعليه فان العمل الاساسي للانسان هو الخضوع لهاتف الروح القدس، بحيث يستطيع الروح انه يقوده في حياته وبالتالي يتحول من حياة الظلمة الي النور، من خلال عمل "الميطانيا" في النفس.
#الخلاصة نفهم ان النعمة فعلاً مجانية ولكنها تحترم حرية الانسان، في حالة ان الانسان رفض قبول النعمة، يصير الروح القدس هادي وساكن في النفس، الي ان تستجيب النفس فيعمل الروح بقوة ويغير النفس بقوته المحررة. ويصيرها في حالة القداسة التي تليق بها كعروس للملك.
فادي مندي
25/1/2017
هوامش:
1- راجع (يو 8: 36)
2- راجع (لو 17: 10)
3- راجع (ار 23: 6)
4- راجع (1كور 6: 11)، (2بط 1: 1)
5- راجع (رو 3: 244)