من اين جاء مصطلح الثيؤطوكوس؟





مقدمة:

جاء فى اليونانية القديمة ثيؤطوكوس (Θεοτόκος) و فى السريانية و الارامية (يولدث اليهو | Yoldath Alloho ) .

لم يخلوا الكتاب المقدس من لقب ثيؤطوكوس و لكنه لم ياتى فى الكتاب المقدس بالشكل الحرفى بل جاء فيما معناه (والدة يهوه ” الاله”) و سنتدرج الى هذه الدراسة من خلال النظر فى النصوص اليونانية القديمة ولعل اقدم مخطوطة وصلت لنا تضم لقب ثيؤطوكوس هى مخطوطة مصرية قديمة تعود الى القرن الثالث (250م) و هذه صورة من المخطوطة ..

معلومات عن البردية :
This scrap of papyrus, dated to 250 AD, bears the earliest prayer yet discovered to the Virgin Mary . It is a prayer still used in the Roman Catholic and Eastern Orthodox Churches.”

هذه القطعة من ورق البردي، ويرجع تاريخها إلى 250م، يحمل فى داخله أقدم صلاة وصلت لنا عن العذراء مريم، فهى صلاة لا تزالت تستخدم في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية و الكنائس الأرثوذكسية الشرقية.

نص البردية كما جاء فى الانجليزية:



“Under thy compassion we take refuge, Theotokos ; do not disregard our prayers in the midst of tribulation, but deliver us from danger, O Only Pure, Only Blessed One.”

فى ظل رحمتك ناخذ ملجأ، والدة الإله، لا تتجاهلى صلواتنا في وسط المحنة، لكن نجنا من الخطر يا ايتها النقية فقط، المباركه واحدك فقط

ومن ترانيمنا التراثية الترنيمة الشهيرة ( فى ظل حمايتك ) :

فى ظل حمايتك نلتجاء يا مريم لا تردى طلبتنا عندما ندعوكى
وقد تكون هذه الترنمية مطابقة للنص المكتشف [1]

وأستخدم هذا اللقب فى منذ القديم فى الكنائس الشرقية الارثوذكسية والكاثوليكية الشرقية ووجد هذا اللقب فى كثير من الليتورجيات القديمة التى كانت تستخدم فى الكنيسة السريانية القديمة تعود بعضها الى القرن الاول مثل قداس القديس يعقوب الرسول اخوا الرب (سنة 70م) [2] وأخرى الى القرن الثالث مثل (ليتورجية مريم و تداوس) [3]

ولم يهرب هذا اللقب عن الاباء فى القرون الاولى بل كما سنوضح ان هذا اللقب كان موجود قبل مجمع افسس (431م) بل وكان عقيدة ثابته لاهوتياً كما سنوضح فى كتابات الاباء مثل أورجينوس (210 – 254م)، ميثوديوس من أوليمبوس ” تلميذ أورجينوس ” (تنيح 311م)، اثناسيوس الرسولى (330م)، غريغوريوس اللاهوتى ”الناطق بالالهيات” (370م) [4] ، يوحنا ذهبى الفم (345 – 407م)، أغسطينوس كلهم أستخدموا لقب والدة الاله.

بل و قد حفظت لنا الالحان الكنسية ايضاً صورة واضحة عن لقب والدة الاله فما وصلنا الينا من الحان عن الكنيسة الاولى يؤكد لنا أصالة هذا اللقب فى الكنيسة وسنتولى دراسة خاصة للقب والدة الاله فى لتورجيتنا القبطية الارثوذكسية ..

1- لقب والدة الاله فى الكتاب المقدس:

فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ ( لوقا 1 : 43 )

فى النص اليونانى طبقاً للمخطوطة السينائية:


κοιλιαϲ ϲου και ποθε
μοι τουτο ϊνα ελθη
η μηρ του κυ μου

فى ترجمة “Greek Orthodox Church”:

καὶ πόθεν μοι τοῦτο ἵνα ἔλθῃ ἡ μήτηρ τοῦ Κυρίου μου πρὸς μέ

و نستخرج من هذه الترجمات و المخطوطات ان الكلمة فى الاصل اليونانى :

Κυρίου = κυ
حيث ” κυ “ هى أختصار لكلمة ” Κυρίου “
ام ربى = Μήτηρ του κυριου

ما هى ترجمة κυριου فى العهد القديم ” الترجمة السبعينية ” حسب نفس المخطوطة السينائية و مقارنة بالنص اليونانى :

وَقُلْتُ لَكُمْ: أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. لاَ تَخَافُوا آلِهَةَ الأَمُورِيِّينَ الَّذِينَ أَنْتُمْ سَاكِنُونَ أَرْضَهُمْ. وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِي». ( قضاه 6 : 10 )

فى النص اليونانى طبقاً للمخطوطة السينائية :


και ειπα ϋμιν εγω
κϲ ο θϲ ϋμων ου
φοβηθηϲεϲθαι
τουϲ θεουϲ του α
μορραιου εν οιϲ
ϋμειϲ καθηϲεϲθαι
εν τη γη αυτων
και ουκ ειϲηκουϲα
τε τηϲ φωνηϲ μ ου

فى ترجمة ”Greek OT: Septuagint with Diacritics”:

καὶ εἶπα ὑμῖν ἐγὼ κύριος ὁ θεὸς ὑμῶν οὐ φοβηθήσεσθε τοὺς θεοὺς τοῦ αμορραίου ἐν οἷς ὑμεῖς ἐνοικεῖτε ἐν τῇ γῇ αὐτῶν καὶ οὐκ εἰσηκούσατε τῆς φωνῆς μου

هنا المفاجاة فى النص العبرى ل κύριος ترجمة ” BHS ” :

ואמרה לכם אני יהוה אלהיכם לא תיראו את־אלהי האמרי אשר אתם יושבים בארצם ולא שמעתם בקולי׃ ף

κύριος = יהוה
יהוה = يهوه !!!!

هل يهوه هو الله ام الرب ؟!

ترجم أسم يهوه الى الله فى الكتاب المقدس فى النص التالى :

فى ترجمة ” Greek OT: Septuagint with Diacritics ” :

εἶπεν δὲ πρὸς αὐτόν ἐγὼ ὁ θεὸς ὁ ἐξαγαγών σε ἐκ χώρας χαλδαίων ὥστε δοῦναί σοι τὴν γῆν ταύτην κληρονομῆσαι

فى ترجمة ” BHS ” :

ויאמר אליו אני יהוה אשר הוצאתיך מאור כשדים לתת לך את־הארץ הזאת לרשתה׃

κύριος = יהוה
θεὸς = יהוה
κύριος = θεὸς

Μήτηρ του κυριου = Μήτηρ του Θεού
فى العربى ام الرب = ام الله

لنعود الى النص الذى بنى عليه كل هذا البحث و نبدل كيريوس ب ثيؤس فى العربية فتصير بدل من ام ربى الى ام الهى ..
فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي (الهى) إِلَيَّ ؟ ( لوقا 1 : 43 )

فهل قالت اليصابات هذا من عندها ؟!

لا بل انه أعلان الروح القدس عن مريم و المولد منها الذى هو الله بالفعل ..
فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، ( لوقا 1 : 41 )

و من هنا جاء لقب والدة الاله حسب أعلان الروح القدس فى كلمة الله ثيؤطوكوس (Θεοτόκος) و هو مكون من مقطعين الاول Θεο اى الاله و الثانى τόκος اى حاملة او والدة

2- لقب ولدة الاله عند العلامة أورجينوس (210 – 254م) :

قد ذكرا لنا المؤرخ سقرط (379 - 439م) ”وهو لم يكن معاصراً لأورجينوس ولكنه عاصر كتابته“ عن أن اورجينوس قد ذكر هذا المصطلح فى احد تفسيرته و نصه:

Origen also in the first volume of his Commentaries on the apostle’s epistle to the Romans, gives an ample exposition of the sense in which the term Theotocos is used. 

أوريجانوس أيضا في المجلد الأول من تعليقاته على رسالة بولس الرسول الرسول الى اهل رومية ، يعطي شرحاً وافراً فى شرح المصطلح ثيؤطوكوس [5]

(المؤرخ سقراط – التاريخ الكنسى لسقراط الكتاب 7 فصل 32)

3- لقب ولدة الاله عند القديس ميثوديوس من أوليمبوس ” تلميذ أورجينوس ” (تنيح 311 م) :

قد وصل لنا عن هذا الكاتب كتاب كامل باسم ”S. Methodii Opera Et S. Methodius Platonizans” و فى هذا الكتاب وجد ذكر لكلمة θεομήτωρ اى ام الله كما هو واضح فى الصورة [6]:



περιφανῶς ἡ ἱερὰ θεομήτωρ ἐξετέλει

4- لقب والدة الاله عند أثناسيوس الرسولى (330م) :

فى الكنائس الشرقية هناك طروبارية لوالدة تعود الى القديس أثناسيوس الرسولى و نصها التالى :

Today is the beginning of our salvation,
And the revelation of the eternal mystery!
The Son of God becomes the Son of the Virgin
As Gabriel announces the coming of Grace.
Together with him let us cry to the Theotokos:
“Rejoice, O Full of Grace, the Lord is with you!”

اليوم هو بداية خلاصنا،
و الكشف عن سر الأبدية!
ابن الله يصبح ابن العذراء،
كما أعلن جبرائيل مجىء النعمة،
معه دعونا نصرخ لوالدة الإله :
افرحى يا ممتلئة نعمة،
الرب معك. [7]

( طروبارية للقديس أثناسيوس الرسولى )

و نجدها جملة لاهوتية عميقة جداً و هذا ما تعودناه فى كتابات القديس أُثناسيوس الرسولى ..

و على هذا النهج وصل لقب والدة الاله عبر التقليد الكنسى حتى مجمع أفسس (431م) و الذى تم فيه وضع لقب والدة الاله كمصطلح كنسى لتثبت العقيدة على يد ق.كيرلس الكبير ومنها دخل هذا اللقب الى لتورجيتنا الارثوذكسية.

الهوامش:

1 – رابط موقع البحث هنا
2 – John Witvliet The Anaphora of St. James in ed. F. Bradshaw Essays on Early Eastern Eucharistic Prayers, 1997
“CHURCH FATHERS : Divine Liturgy of St. James”. Newadvent.org. Retrieved 2013-11-03.
3 – Addai and Mari, Liturgy of. Cross, F. L., ed. The Oxford Dictionary of the Christian Church. Oxford University Press. 2005
“Book for people in English”. Kaldu.org. Retrieved 2013-11-03.
4 - Letter 101; Patrologia Graeca, ed J. P. MIGNE, 37:177
5 – Translated by A.C. Zenos. From Nicene and Post-Nicene Fathers, Second Series, Vol. 2. Edited by Philip Schaff and Henry Wace. (Buffalo, NY: Christian Literature Publishing Co., 1890.) Revised and edited for New Advent by Kevin Knight
6 – On Martyrs: Speech on Simeon, Anne, at the day of the Presentation, and the Holy Theotokos. Saint Methodius of Patara (1865). Albert Jahnius, ed. S. Methodii Opera Et S. Methodius Platonizans (in Greek, Latin). Pars I. Halis Saxonum, C.E.M. Pfeffer. pp. 109
يمكنك ايضاً مشاهدة الكتاب على جوجل من هنا
7 – Speaking the Truth in Love: Theological and Spiritual Exhortations by John Chryssavgis, Ecumenical Patriarch Bartholomu 2010 ISBN 978-0-8232-3337-3 page 85



شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة